بينما كان مسطول نائم , إذ جاءه خبر حاسم , كأنّه على أنفاسهِ جاثم , فنهض من النوم مسرعًا , وخرج من بيته جائعًا , حتى وصل إلى الشاطيء المسموم , فوجد من عليه ما بين مذلول ومكلوم , والناس من هول ماحدث , تنظر وقد انحبس منها النفس , تنظر إلى جثث كثيرة سليمة , وفي عيونهم نظرة أليمة , فالبعض من الناس قد التهمه القرش , وقد هربَ منّا كبير حجم الكرش , فبشكل ما هو المتسبب في هذه الكارثة .. وغرق عبّارة قديمة بائسة .
مات من الناس ما يزيد عن الألف , ومن نجَا فقد انقطع منه الخلَف ,وبدأ الناس يبحثون عن القاتل , فاكتشفوا أنّه في لندن نازل , وأن حكومتهم الرشيدة القوية , هي من هرّبته بزيف الهويّة , لأنّه قد شاع بينا الناس , أن هذا الرجل عديم الاحساس ,الهارب من ضحاياه , هو حبيب للمهز لدين الله , ويومًا بعد يومٍ من الحوادث , ايقن الناس بكارثة الكوارث , وأن هذا الوغد الحقير , له في السلطة باع كبير , ولو شاء ألف ألف وليس ألف , فلن يحاسبه احد على ما ارتكب من تلف , وخاصّة وأنّ له محامٍ فلتَة , , لا تفوته هفوةٌ أو ثغرَة , منذ زمن باع هو الآخر الضمير , فلا حاجة له به ما دام يقبض الكثير
دارت الأيَام في بلاد المهز لدين الله , وارتفعت جميع الأيدي إلى الله , ولكن يبدو أن الصدق لم يكن دائم , فعندما جاء الحكم النهائي المفترض أنّه حازم , جاء مخيبًا لجميع التوقعَات وكأن المجرم من روسيا والقاضي من أخرى من المجرات , ورغم أنّ الحكم قد يكون ظالم , وقد يكون الجميع عالم , فقد آثروا جميعًا سياسة الصمت , التي أدت بنا إلى الذل وتقديس الحكم ونيل الموت .
وقد آثر شعب المهز لدين الله الاستمرار , في الصمت حتى لو جاء القرار , بإعدام كل الشعب قطعةً واحدَة , أو قتله ببطء كل واحدٍ وواحدة , والحقيقة أنّ الشعب كان يستحق هذا المصير , فليرتووا اذن من الصمت الحقير
وادرك مسطول الصباح , فسكت عن الكلام المباح , ونام وبهِ ما بهِ من جراح